منظمة البيدر الحقوقية: اندفاع غير مسبوق للاستيطان وتجسيد ايديولوجيا الاقصاء
قالت منظمة البيدر الحقوقية بأن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية لم يعد مجرد سياسة توسعية، بل تحول إلى مشروع تحريضي منظم تقوده القيادة السياسية الإسرائيلية علنا، وتدعمه قرارات حكومية، وخطابات كراهية، وتسليح مباشر للمستوطنين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتصعيد خطير يهدد حياة المدنيين الفلسطينيين ويقضي عمليا على أي أفق لحل الدولتين.
وأضافت " البيدر" انه وبحسب ما كشفته قناة i24 العبرية، صادق مجلس الكابينت الإسرائيلي في اجتماعه الأخير على إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، في خطوة تعكس اندفاعا غير مسبوق نحو فرض وقائع دائمة على الأرض،من بين هذه المستوطنات، تبرز مستوطنة «شدام» قرب بيت لحم، وهي أراض كانت على وشك أن يتم تسليمها للفلسطينيين عام 2016، قبل أن تعاد اليوم إلى المشروع الاستيطاني، في نموذج فج لكيفية الانقلاب على أي التزامات سياسية سابقة.
ففي جلسة الكابينت نفسها، لم يكتفي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالمصادقة على التوسع الاستيطاني، بل أطلق خطابا تحريضيا يؤسس أيديولوجيا للإقصاء، حين قال:“في أوسلو، أدخلنا عدوا إلى البيت، وفي كل مرة كانت هناك حكومة ترغب في مواصلة نهج أوسلو، كان الشعب يطيح بها، بهذا التصريح، يعلن نتنياهو عمليا دفن اتفاقيات أوسلو، ويعيد تعريف الفلسطينيين كـ”عدو”، في خطاب يبرر العنف، ويغلق الباب أمام أي مسار سياسي، ويمنح الغطاء لاستمرار السيطرة بالقوة،الأخطر من ذلك، أن نتنياهو توجه مباشرة إلى وزيري حكومته المتطرفين، بتسلئيل سموتريتش وأوريت ستروك، قائلاً:“هناك حاجة إلى إنشاء المزيد من نقاط الاستيطان، واصلوا عملكم.”، إنها دعوة رسمية مفتوحة لتكثيف البؤر الاستيطانية، بما فيها غير القانونية، وتحويل المستوطنين إلى أداة تنفيذ لسياسة الدولة.
وأشارت "البيدر" انه ومن الأغوار، أطلق سموتريتش خطابا لا يقل خطورة، موجها حديثه للمستوطنين:“لقد عدنا إلى آبار المياه وسيطرنا على كل هذه المناطق… أنتم أبطال، استمروا.” هذا التصريح لا يخفى طبيعته الاستعمارية: السيطرة على الموارد الحيوية، خصوصا المياه، وتجريد الفلسطينيين منها، وتحويل الاستيطان إلى فعل «بطولي»، في تجاهل كامل لحقوق السكان الأصليين.
وفي موازاة ذلك، يلعب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير دورا محوريا في عسكرة الاستيطان. فمن خلال سياساته، جرى توسيع تسليح المستوطنين، ومنحهم غطاء سياسيا وأمنيا، ما ساهم في تصاعد اعتداءاتهم على القرى الفلسطينية،ولا يقتصر تحريض بن غفير على الفلسطينيين عموما، بل يمتد إلى التحريض على القيادة الفلسطينية نفسها، بما في ذلك الرئيس الفلسطيني، في خطاب يغذي الكراهية ويشجع على العنف السياسي، ويحول المستوطنين إلى قوة شبه ميليشياوية تعمل تحت مظلة الدولة.
واكدت" البيدر" انه وضمن المخطط الأشمل، تمضي إسرائيل قدما في خطة جديدة لبناء 9 آلاف وحدة استيطانية في منطقة مطار القدس شمال المدينة، في قلب المنطقة الواقعة بين الأحياء الفلسطينية.
هذا المشروع لا يستهدف التوسع العمراني فحسب، بل يهدف إلى:
● فصل شمال الضفة الغربية عن القدس
● محاصرة الأحياء الفلسطينية
● تغيير التركيبة الديمغرافية للمدينة
● وإجهاض أي إمكانية لجعل القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية
ونوهت "البيدر" انه ومن التداعيات الميدانية لهذا المخطط ،اصبح الفلسطينيون تحت الحصارعلى الأرض، تترجم هذه السياسات إلى واقع دموي:
● مصادرة أراض واسعة في مناطق «ج»
● منع البناء الفلسطيني وهدم المنازل
● السيطرة على مصادر المياه والمراعي
● تصاعد عنف المستوطنين تحت حماية الجيش
● تفريغ تدريجي للتجمعات البدوية والريفية
الفلسطيني في مناطق «ج» لم يعد يواجه قرارات إدارية فقط، بل مشروع اقتلاع ممنهج تشارك فيه الحكومة، والجيش، والمستوطنون المسلحون.
وتعد جميع هذه الممارسات انتهاكا مباشرا لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة، كما أن التحريض العلني، وتسليح المستوطنين، والسيطرة على الموارد، قد يرقى إلى جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.
وخلصت البيدر الى ان ما يحدث في الضفة الغربية والقدس ليس انحرافا عابرا، بل سياسة دولة مكتملة الأركان، تقودها حكومة نتنياهو، وينفذها سموتريتش وبن غفير، ويدفع ثمنها المدنيون الفلسطينيون، فيما يدفن حل الدولتين تحت الإسمنت والسلاح والتحريض،في ظل هذا الواقع، لم يعد السؤال: هل تقوض إسرائيل حل الدولتين؟ بل: إلى متى سيبقى الإفلات من المحاسبة هو القاعدة؟
وعدت تصريحات عضو الكنيست الإسرائيلي سموتريتش الأخيرة حول الأغوار مؤشرًا خطيرًا على حجم الدعم الرسمي الإسرائيلي للسياسات الاستيطانية في المنطقة، وما تمثله هذه التصريحات من تحفيز مباشر للمستوطنين على تكثيف أنشطتهم التوسعية. إن وصف المستوطنين بـ”الأبطال” وتشجيعهم على الاستمرار في السيطرة على الأراضي والموارد الطبيعية يعكس تخطيطًا ممنهجًا لتغيير الواقع الديمغرافي في الأغوار، على حساب السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة منذ عقود ويعتمدون بشكل أساسي على الزراعة والرعي كمصدر رئيسي للرزق،وإن هذه السياسات تُظهر استهدافًا واضحًا للهوية الثقافية والاجتماعية للسكان المحليين، وتفرض قيودًا صارمة على حركتهم وتنقلهم بين المراعي والأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى تراجع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وينذر بمصير مجهول للسكان.