الصحة العالمية تتخذ قرارين لصالح فلسطين
الحرية – اعتمدت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية قرارين آخرين لصالح دولة فلسطين، أمس الخميس، خلال أعمال دورتها ال78 المنعقدة في جنيف.
ويتعلق القرار الأول بانضمام فلسطين إلى اللوائح الصحية الدولية، والثاني بشأن الأوضاع الصحية المتدهورة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وصوّت لصالح القرار المقدم من دولة فلسطين، 112 دولة، بينما عارضته دولتان (هنغاريا وإسرائيل)، وامتنع 19 عن التصويت.
ويعتمد القرار الأول انضمام دولة فلسطين الكامل للوائح الصحية الدولية، وهي منظومة من القوانين والإجراءات التي تنظم العلاقة بين وزارات الصحة الوطنية ومنظمة الصحة العالمية، خاصة في مجالات الطوارئ والاستجابة للأوبئة والجوائح.
وتُعد هذه الخطوة نقلة نوعية في تمكين فلسطين من الاستفادة من الدعم الدولي في حالات الطوارئ الصحية، ومن آليات التعاون والتنسيق الدولي لتقديم الرعاية الصحية الملائمة للسكان الفلسطينيين.
وقد أُقرت اللوائح عام 2005، ودخلت حيز التنفيذ في 2007، وأصبحت فلسطين تمتلك نقطة اتصال رسمية مع المنظمة منذ عام 2010، لكنها الآن، ومع هذا القرار، باتت تُعامل كغيرها من الدول الأعضاء، ما يمنحها صلاحية كاملة للاستفادة من كل ما توفره اللوائح من دعم فني وتقني.
كما اعتمدت الجمعية العامة قراراً ثانياً بعنوان "الأوضاع الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، حيث صوت لصالح القرار 114 دولة، ومعارضة دولتين (هنغاريا وإسرائيل)، وامتناع 15 عن التصويت، وذلك بحضور وزير الصحة الفلسطيني د. ماجد أبو رمضان.
ويسلّط القرار الثاني الضوء على التدهور الخطير في الأوضاع الصحية، لا سيما في قطاع غزة، ويطالب برفع الحصار الإسرائيلي، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والطبية دون قيود، كما يؤكد القرار على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، وحماية المرافق الصحية والعاملين فيها، ووقف الهجمات المتكررة عليها.
وأظهر التقرير المقدم للجمعية أن 94% من المرافق الصحية في غزة دُمرت، ولا يعمل أي مستشفى بكامل طاقته، في حين يعمل 19 من أصل 36 مستشفى بشكل جزئي فقط، كما أشار إلى نفاد 43 صنفاً من الأدوية الأساسية، ولا يزال الاحتلال يمنع دخول المساعدات الطبية لأكثر من 80 يوماً، ولم يُسمح إلا لشاحنتين فقط بالدخول.
وزير الصحة د. ماجد أبو رمضان: "إن اعتماد هذه القرارات لا يشكل فقط انتصاراً دبلوماسياً لفلسطين، بل هو رسالة إنسانية سامية تُعيد الاعتبار للمرضى والجرحى والمحتاجين في قطاع غزة وفي سائر فلسطين، وإن انضمام فلسطين إلى اللوائح الصحية الدولية خطوة استراتيجية ستُمكننا من الاستفادة من الخبرات والدعم الفني والتقني في مواجهة الأوبئة والطوارئ الصحية، وسنعمل على تعزيز جاهزية النظام الصحي الوطني ليكون أكثر قدرة على الصمود في وجه التحديات المتواصلة، وعلى رأسها الحصار والعدوان."
وأكد الوزير د. أبو رمضان أن وزارة الصحة ستُكثف جهودها بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية وسائر الشركاء الدوليين لضمان إيصال المساعدات الطبية والاحتياجات العاجلة إلى المستشفيات والمراكز الصحية، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لوقف الانتهاكات، ورفع الحصار، وضمان وصول الدواء والغذاء والماء إلى السكان دون شروط أو قيود.
وفي كلمته أمام الجمعية، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية د. تيدروس غيبريسوس: "أشعر بما يشعر به أهل غزة. أسمع أصواتهم، الناس يتضورون جوعاً، بلا دواء ولا مأوى، لا يجوز استخدام الغذاء والدواء كسلاح، يجب وقف هذه الماساة وتحقيق السلام"، مضيفاً أن أكثر من 80% من سكان قطاع غزة تحت أوامر نزوح قسري، والمستشفيات الكبرى مثل كمال عدوان والإندونيسي وحمد والأوروبي لم تعد قادرة على تقديم الخدمات، وهناك حاجة ملحة لإجلاء 7000 مريض.
من جهته، أكد سفير فلسطين إبراهيم خريشي -المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف، أن استخدام التجويع كسلاح يُعد انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، مشيراً إلى أن آلاف المرضى، ومنهم مرضى السرطان، حُرموا من العلاج في ظل انهيار النظام الصحي وخطر تفشي الأمراض المعدية بسبب النزوح الجماعي، وشدّد السفير خريشي على أن الوصول إلى الغذاء والماء هو حق إنساني أساسي، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته لضمان الحق في الصحة وإنهاء الحصار وتمكين الشعب الفلسطيني من العيش بكرامة وسلام.
ويعكس اعتماد هذين القرارين دعماً دولياً واسعاً للحق الفلسطيني في الصحة، ويعزز من حضور فلسطين في النظام الصحي العالمي، وسط أوضاع إنسانية وصحية متدهورة تستوجب تحركاً عاجلاً.
يُذكر أن الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية قد اعتمدت، أول أمس الأربعاء، قراراً بشأن الأوضاع الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل، وذلك بأغلبية 104 دول. حيث أكد هذا القرار، الذي قدمته البحرين باسم المجموعة العربية، على الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها القطاع الصحي الفلسطيني، ودعا إلى رفع الحصار، وضمان حرية حركة المرضى، وحماية الطواقم الطبية.
ويعكس هذا التتابع في اعتماد القرارات تزايد الوعي الدولي بخطورة الأوضاع الصحية في فلسطين، وتعزيزاً لحضورها في المنظومة الصحية العالمية، ورسالة واضحة بضرورة احترام حقوق الإنسان الأساسية، وعلى رأسها الحق في الصحة والحياة.