سلفيت تحت الحصار.. تمدد استيطاني وبوابات حديدية تشلّ الحياة اليومية
يعيش أكثر من 85 ألف نسمة في محافظة سلفيت تحت وطأة حصار متصاعد، وتمدد استيطاني متسارع، وبوابات حديدية إسرائيلية تُقيد الحركة وتفصل القرى عن المدينة، حتى بات الوصول إلى المستشفى أو أماكن العمل رحلة شاقة محفوفة بالمعاناة.
الحاج سليمان، من قرية سرطة، اعتاد أن يصل إلى مستشفى سلفيت الحكومي في دقائق معدودة، لكنه اليوم يُضطر لعبور "بوابتين" وحاجزين عسكريين، ما حوّل طريقه القصير إلى مسار طويل يستهلك الوقت والمال والجهد.
يقول بصوت متحشرج بينما يسير بجوار بوابة مدخل سلفيت الشمالي: "حالنا صار صعباً جداً، يتحكمون بنا وكأننا لسنا بشراً. لنا حق في الحرية والتنقل، لكننا نواجه احتلالاً يضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية. لكن الظلم لا يدوم."
أما السائق محمود، فيقف يوميًا منذ عشرة أيام عند بوابة مدخل قراوة بني حسان بانتظار الركاب العابرين للبوابة في طريقهم إلى بلداتهم غرب سلفيت، رغم ما يواجهه من تضييق وإجراءات تعسفية.
ويقول بحرقة: "حضر جنود الاحتلال فجأة، وصادروا مفاتيح المركبة وتركوني واقفًا في الشارع".
ومن جهتها، روت الموظفة مها معاناتها قائلة: "منذ أسبوع لم أتمكن من الوصول إلى عملي في سلفيت. أُضطر للسير على الأقدام أحيانًا، والتنقل من مركبة لأخرى وسط الخوف من وجود الجيش على المدخل".
ويؤكد الناشط ضد الاستيطان، نظمي سلمان، أن سلطات الاحتلال نصبت ما لا يقل عن 14 بوابة حديدية تتحكم بمداخل 18 تجمعًا فلسطينيًا في المحافظة، وتغلقها وتفتحها متى تشاء بحجة "الدواعي الأمنية"، إضافة إلى إغلاق الطرق الفرعية والالتفافية لإجبار المواطنين على المرور عبر حواجزها العسكرية فقط.
وأضاف سلمان: "هذا الواقع اليومي يُحوّل حياة الفلسطينيين إلى سلسلة من المعاناة، ويعيق وصول المرضى والطلبة والموظفين إلى أماكنهم، في عقوبة جماعية ممنهجة تهدف إلى تقويض الحياة المدنية وشل الحركة بين القرى والمدن".
وأشار إلى أن هذه القيود تُفاقم من التحديات الاقتصادية، حيث تساهم في ارتفاع نسب البطالة، وتدني الأجور بسبب صعوبة وصول العمال والتجار، إضافة إلى تعطيل حركة البضائع، وزيادة تكاليف النقل، وتلف بعض المنتجات نتيجة الانتظار الطويل على الحواجز.
وأوضح سلمان أن إغلاق مداخل مدينة سلفيت، والاعتداءات المتكررة على طريق المطوي، تأتي في إطار مخطط ممنهج ضمن سياسة الاحتلال الرامية إلى عزل مركز المحافظة عن بلداتها وقراها.
وأضاف أن هذا النهج يُمثّل عبثاً متعمداً بالجغرافيا الفلسطينية، ويستهدف تقويض أي جهود للبناء والتطور الفلسطيني، مقابل تسهيل تمدد المستوطنين وتصعيد سيطرتهم على أراضي المواطنين، وسط عربدة غير مسبوقة واستفزاز متواصل.
وفي السياق ذاته، أكد سلمان أن محافظة سلفيت تُعد من أكثر المحافظات استهدافًا استيطانيًا مقارنة بمساحتها، التي تُقدّر بـ204 كيلومترات مربعة، منها 78 كم² مناطق مصنفة (ج)، يُقام على أراضيها 24 مستوطنة، و10 بؤر استيطانية رعوية، وتواجه اليوم مشروعًا استيطانيًا متغولًا يسعى لابتلاع الأرض وخنق الإنسان الفلسطيني.
وأضاف: "ما بين التمدد الاستيطاني والعزل بالبوابات، تدفع سلفيت الثمن من حاضرها ومستقبلها، وتبقى شاهدًا حيًا على سياسات الضم والتوسع التي تنتهجها سلطات الاحتلال."
ووفقًا لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن عدد الحواجز الإسرائيلية بأنواعها المختلفة في الضفة الغربية يبلغ نحو 898 حاجزًا وبوابة، معظمها مغلق حاليًا، في تصعيد جديد يُشلّ الحياة اليومية للفلسطينيين ويُكرّس واقع العزل والحصار.