يمهد لإقامة دولة فلسطينية.. مشروع القرار الأمريكي يشعل غضب المتطرفين في إسرائيل
يمارس الوزيران المتطرفان في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش (المالية) وإيتمار بن جفير (الأمن القومي)، ضغوطًا كبيرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لرفض مشروع القرار الأمريكي المقدم إلى مجلس الأمن الدولي بشأن غزة، والذي يشير إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن سموتريتش وبن جفير، حرضا نتنياهو على رفض مشروع القرار الأمريكي المقدم إلى مجلس الأمن الدولي بشأن غزة، والذي يمهد الطريق أمام تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية.
وجاء في نص مشروع القرار، الذي يصوِّت عليه مجلس الأمن غدًا الاثنين: "بعد تنفيذ برنامج السلطة الفلسطينية الإصلاحي بأمانة، وإحراز تقدم في إعادة تطوير غزة، قد تتوفر أخيرًا الظروف المناسبة لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة".
وفي حين اكتفت الحكومة الإسرائيلية بتسريب عدم ارتياحها من النص، فإن سموتريتش وبن جفير اختارا -في تدوينات منفصلة- مهاجمة الدولة الفلسطينية دون الإشارة إلى مشروع القرار في مجلس الأمن.
وقالت "القناة 12" الإسرائيلية إن بيانات سموتريتش وبن جفير عبر منصة "إكس" جاءت على إثر الكشف عن مضمون مشروع القرار الأمريكي الذي يتحدث عن "دولة".
أما صحيفة "معاريف" الإسرائيلية فقالت: "سموتريتش يهاجم نتنياهو بسبب صمته على مشروع القرار الأمريكي الذي سيُطرح للتصويت في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، والذي يتضمن للمرة الأولى التزامًا بدراسة مسار إقامة دولة فلسطينية".
وأضافت: "تتضمن مسودة القرار المعدلة من واشنطن لأول مرة التزامًا عمليًا بدراسة مسار إقامة دولة فلسطينية".
ويتجنب المسؤولون الإسرائيليون، خاصة بن جفير وسموتريتش، أي انتقاد للرئيس الأمريكي وإدارته، وإن كانا هاجما في الماضي مرارًا الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن وإدارته.
وقال بن جفير على منصة "إكس": "لا وجود لما يُسمى شعب فلسطيني.. هذا مختلق لا أساس تاريخيًا ولا أثريًا ولا واقع له".
وأضاف: "إنّ توافد المهاجرين من الدول العربية إلى أرض إسرائيل ليس شعبًا.. وهم بالتأكيد لا يستحقون مكافأةً على الإرهاب والقتل والفظائع التي زرعوها في كل مكان، وخاصةً من غزة المكان الذي نالوا فيه الحكم الذاتي"، وفق تعبيراته.
وتابع: "الحل الحقيقي الوحيد في غزة هو تشجيع الهجرة الطوعية، وليس دولة إرهاب بالتأكيد، لأنها ستكون أساسًا لاستمرار الإرهاب"، على حد زعمه.
وأردف بن جفير: "لن يكون حزب القوة اليهودية جزءًا من أي حكومة توافق على هذا.. أدعو رئيس الوزراء إلى توضيح أن دولة إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال".
من جهته، قال سموتريتش على منصة "إكس": "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قبل شهرين، وفور إعلان عدة دول اعترافها الأحادي بدولة فلسطين، تعهّدتم بالرد بحزم فور عودتكم من الولايات المتحدة".
وأضاف في إشارة إلى نتنياهو: "ومنذ ذلك الحين، مرّ شهران اخترتم فيهما الصمت والذل السياسي.. إن التدهور الذي نشهده الآن في هذا الملف خطير، وهو مسؤوليتكم ونتيجة صمتكم".
وتابع في رسالته لنتنياهو: "أصيغوا ردًا مناسبًا وحاسمًا فورًا، يوضح للعالم أجمع أن الدولة الفلسطينية لن تقوم على أرض وطننا".
وسبق لمسؤولين في الحكومة الإسرائيلية أن دعوا إلى خطوات ضد الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية خلال شهر سبتمبر، ومن بينها فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا.
ومن بين الخطوات التي يقترحها المسؤولون إغلاق قنصليات هذه الدول، إن وُجدت، في القدس الشرقية المحتلة، وحرمان هذه الدول من امتيازات الحركة لدبلوماسييها باتجاه الضفة الغربية.
ورغم أن نتنياهو وحزبه اليميني الليكود لطالما روَّجا تاريخيًا لضم الضفة الغربية، فإنه أعلن الشهر الماضي، إثر رفض أمريكي للخطوة، أن حزبه لم يدعم مشروعي قانون بخصوص الضم مطروحين للتصويت في الكنيست، في خطوة أغضبت سموتريتش وبن جفير حينها.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، عام 1967، في خطوة اعتبرت انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، ورفضت مذاك الانسحاب منها وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وجاءت التصريحات الأخيرة للوزيرين الإسرائيليين المتطرفين على الرغم من أن 160 دولة عضوًا بالأمم المتحدة باتت تعترف بدولة فلسطين من أصل 193، وذلك بعد اعترافات صدرت من العديد من الدول خلال اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، على وقع الحرب الإسرائيلية على غزة.
ويصوت مجلس الأمن الدولي، غدًا الاثنين، على مشروع قرار أمريكي يؤيد خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في غزة، ويشير إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
يرحب مشروع القرار الأمريكي الذي جرى تعديله عدة مرات، بإنشاء "مجلس السلام"، وهو هيئة حكم انتقالي لغزة سيترأسها ترامب نظريًا، على أن تستمر ولايتها حتى نهاية عام 2027.
ويخول القرار الدول الأعضاء تشكيل "قوة استقرار دولية مؤقتة" تعمل مع الشرطة الفلسطينية المدربة حديثًا للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة.
ولأول مرة، وعلى عكس المسودات السابقة، يشير هذا القرار إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية، إذ تضمنت النسخة المعدلة للمشروع الأمريكي لغة أكثر تحديدًا بشأن تقرير مصير الفلسطينيين، حيث تنص على أن الإصلاح في السلطة الفلسطينية وإعادة تطوير غزة قد يهيء الظروف لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وقيام الدولة.