كلفة الصالات تدفع العرسان لـ"سطح البيت"
وكالة الحرية الاخبارية -safa- فوق سطح منزله الواسع، وعلى وقع زغاريد النساء ونغم الأهازيج، زف الشاب محمد درويش (26عامًا) لعروسه إيمان إلى "عش الزوجية" في حفل زينت تفاصيله البساطة هربًا من ارتفاع تكاليف الزواج.
ووجد درويش الذي يقطن في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، في عقد "ليلة عمره" فوق سطح المنزل بديلًا جيدًا لتوفير مئات الدولار التي تهدرها حجوزات قاعات الأفراح دون تهميش أي من عادات الأفراح أو تقاليدها المعروفة.
يقول والسعادة تغمر وجهه لوكالة "صفا" إنّ "زفافي تأخر عدة أعوام نتيجة ظروفي المعيشية الصعبة، حالي كحال آلاف الغزيين، وبحثت عن وسيلة أخرى بديلة فلم أجد غيرها (..) وبالتأكيد وفرت من خلال طريقتي كثيرًا من المصاريف التي ستلاحقني مستقبلا".
ويلفت درويش إلى أنّ فرحة حفلة الزواج مؤقتة وسينساها الناس وتصبح جزءا من الماضي وستبقى تكاليف المظاهر الزائفة يدفع ثمنها العريس، منتقدًا كثرة الطلبات المبالغ فيها من أسر الزوجة والتي تثقل كاهل الأزواج في بداية حياتهم.
وتتراوح أسعار قاعات الأفراح في قطاع غزة ما بين 1000 - 18000 شيكل، وتختلف وفق عدة معايير أبرزها مكان القاعة وسعتها لحجم المدعوين، ونوعية الضيافة، إضافة إلى نظافتها وإمكانيتها المختلفة.
ولا تقف معوقات الزواج عند حد ارتفاع المهور والمصاغ أو الأثاث بل تتعداها إلى تفصيلات أخرى كثيرة ترهق جيوب الشباب في ظل تواصل الحصار الإسرائيلي، وتؤرق جفون المقبلين على الزواج مما يدفعهم للعزوف أو تأجيل زفافهم.
وعن ذلك، يرى مدير قرية النخيل السياحية حاتم الأشعل أن أسعار حجوزات قاعات الأفراح مناسبة بحسب ما تقدم كل منها من خدمات، وأن الشاب مخير في انتقاء القاعة التي يرغب، لافتًا إلى أن الأسعار تختلف من منطقة لأخرى وتعد مدينة غزة الأعلى سعرًا.
دون رقابة
ويتحدد -والقول للأشعل- سعر كل صالة على حدة من قبل إدارتها قياسًا على الخدمات المقدمة والمعايير السابقة، مبينًا أن قاعات الأفراح تمر في ثلاثة مواسم على مدار السنة أولاها الذهبية خلال فصل الصيف، وثانيها المتوسطة في الربيع، والضعيفة مع حلول الشتاء وعندها تتقلص الأسعار.
ويؤكد ، على عدم وجود أية متابعة أو رقابة من قبل الحكومة في غزة أو البلدية معهم على هذه الأسعار، نافيا أن يكون هنالك تسعيرة موحدة بينهم، مستدركًا بقوله إننا "ملتزمون بدفع كافة الضرائب والمستحقات المطلوبة منا".
فيما يكمن ارتفاع أسعار حجز قاعات الأفراح وخاصة صيفًا إلى زيادة الطلب من قبل المواطنين عليها الذي يصل إلى 1300 فرح شهريًا بغزة لتحقيق أغراضهم المختلفة، مما يشجع أصحابها على رفع الأسعار والتشدد عليها، بحسب ما يقول المحلل الاقتصادي معين رجب.
ويلفت رجب ، إلى أن أسعار حجوزات قاعات الأفراح مرتفعة جدًا مقارنة بالأوضاع الاقتصادية التي يحياها قطاع غزة، وتفوق قدرات الشباب وتشكل عبئا عليهم، مستدركًا بقوله "لكن الرغبة في إدخال الفرحة في هذه الليلة يجبر الكثيرين على قبول ذلك على مضض".
ويبين أن عدة آثار سلبية تنجم عن ارتفاع كلفة حفلات الزواج، التي من أهمها اللجوء إلى الاستدانة أو الاقتراض، والذي تترتب عليه مشكلات اجتماعية واقتصادية، حتى بعد مرور سنوات عديدة من الزواج، ولا تسمح لهم بتحقيق مدخرات لاحقا.
تقليد ومحاكاة
أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الإسلامية بغزة وليد شبير يعزو ارتفاع تكلفة حجز صالات الأفراح إلى الإقبال الشديد على الزواج، ولجوء بعض المواطنين للتقليد والمحاكاة مما يفاقم أعباء المقبلين على الزواج.
ويوضح شبير ،أن هذا الارتفاع آثاره سلبية، أهمها إرهاق كاهل الشاب بالديون مما ينعكس على حياته الزوجية، وربما يحكم على استمرارها بالكامل، ناصحًا الشباب باختصار نفقات الزواج والتركيز على أجواء الفرح بدلا من الاهتمام المفرط بالبحث عن المظاهر الزائفة.
ويرجع تأخر كثير من الشباب عن الزواج لارتفاع تكاليفه خصوصا حين يصبح جزءا من ثقافة المجتمع، ولا تدرك الأسر أهمية التيسير، منتقدًا كثيرا من الطلبات التي تشترطها أسرة الزوجة على شريك ابنتهم قبل الزواج مما يؤثر بالسلب على حياتهم.
ويقترح شبير على المؤسسات الرسمية والخيرية إنشاء قاعات كبيرة في كافة محافظات قطاع غزة وتأجيرها للشباب المقبلين على الزواج بأسعار رمزية أو إقامة الأفراح في مناطق مؤهلة بعد تجهيزها لذلك.